الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد .. وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد .
أحبتي الفضلاء ...
ليس عجيباً أن نرى ذاك الرجل في الحرم المدني يبكي شوقاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما يرى قبره ، وليس غريباً أن نسمع قصائد الحب والمحبة لحبيبنا - صلى الله عليه وسلم - ، بل إننا ألفنا ترداد تلك الكلمات .. بل وإنشادها أيضاً !!!
لكن ... هل سمعنا يوماً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبنــا ؟!
لكن ... هل تخيلنا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مشتاق وينتظرنا ؟!
عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " وددت أني لقيت إخواني " ، قلنا : يا رسول الله ، ألسنا إخوانك ؟ قال : " أنتم أصحابي ، وإخواني قوم يجيئون من بعدي ، يؤمنون بي ولم يروني "
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وددت أني لقيت إخواني " ، فقال أصحابه : أوليس نحن أخوانك ؟ قال : " أنتم أصحابي ، و لكن إخواني الذين آمنوا بي و لم يروني "
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى المقبرة ، فقال : " السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، وددت أني قد رأيت إخواننا " ، قالوا : يا رسول الله .. ألسنا إخوانك ؟ قال : " بل أنتم أصحابي ، وإخواني الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطهم على الحوض " .
إيه .. إيه .. ما أحلاها من كلمات تخرج صادقة من فيّ محبنا - صلى الله عليه وسلم - ، يودّ لقائنا .. ويسمنا بقوله " إخواني " .. ويمني نفسه برؤيتنا على الحوض ، فداك أبي وأمي ونفسي يا رسول الله !
من منّا لا يود ولا يحب ولا يتمنى رؤيـة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟
من منّا لا يريد أن يشرب من حوض المصطفى وبيده - صلى الله عليه وسلم - ؟
إخوتي وأخواتي الأفاضل ...
لنتخيل معاً وسوياً أنه وبعد كل هذا الحب .. وبعد كل ذاك الانتظار ، يحرم أحدٌ منّ من لقيا الحبيب - صلى الله عليه وسلم - ، ولنتصور أنه في ذلك اليوم العصيب الذي نتشوق فيه للقيا محبوبنا ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - نصد عنه ونذاد ونبعد ... !
لا نستغرب ذلك ... فقد ثبت في حديث رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أنا فرطكم على الحوض .. وليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال ، فأناديهم ألا هلموا ، فيقال إنهم قد بدلوا بعدك ولم يزالوا يرجعون على أعقابهم ، فأقول ألا سحقاً سحقاً "
ما أقساه من حـال ..
ما أفجأها من صدمة ..
ما أمَرّه من موقف ..
ما أذلها من منـزلة ..
ولهذا .. كان لزاماً علينا أن نستعرض أموراً تعيننا ولا تهيننا وتنصرنا ولا تخذلنا ، وأن نبحث عن سبيل لإثبات محبتنا وصدقها لحبيبنا - صلى الله عليه وسلم - ..
أحبتي في الله ...
إن أعظم قصة وأصدق سيرة نستشف منها صور الحب ونشم منها عبق المحبة .. هي تلكم الحياة المبهرة التي عاشها صحبه - رضوان الله عليهم - في حياته - صلى الله عليه وسلم - وبعد مماته ، وسنستعرض في حلقاتنا المقبلة أحداثاً ومواقفَ عاشها أسلافنا على أرض الواقع وليست من نسج الخيال .. تجسد لنا هذه المحبة صدقاً وحقيقة ، علها توقظ فينا روح المحبة وتصقل فينا جوهر الحب !!
::: اللهم إنا نسألك حبك .. وحب من يحبك .. وحب كل عمل يقربنا إلى حبك :::
.
.
محبكم فى الله
الأربعاء 12 سبتمبر - 20:37
